تام لمن زعم أن الراسخين في العلم لم يعلموا تأويله. وهو قول أكثر أهل العلم. حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا عبد الخالق قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد في قوله: (والراسخون في العلم) قال: «الراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنا به» فعلى مذهب مجاهد الراسخون مرفوعون على النسق على الله. --إيضاح الوقف والابتداء، ج۲، ص۵۶۵--
وما يعلم تأويله إلا الله مختلف فيه فمن العلماء من قال هو التمام ومنهم من قال والراسخون معطوف فلا يتم الكلام قبله. فممن روينا عن أنه قال وما يعلم تأويله إلا الله تام وما بعده منقطع منه نيف وعشرون رجلا من الصحابة والتابعين والقراء والفقهاء وأهل اللغة ومن الصحابة ثلاثة عائشة وابن عباس وابن مسعود كما قرئ على أحمد بن محمد بن الحجاج عن يحيى بن سليمان قال حدثني خلف الإيلي، قال حدثنا نافع بن يزيد عن ابن أبي مليكة قال: سمعت عائشة تلت والراسخون في العلم فقالت بلغ رسوخهم في العلم إلى أن قالوا آمنا به، قال أبو جعفر: وفي حديث محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن خالد بهذا الإسناد قالت: ولم يعلموا تأويله، حدثنا أحمد بن محمد بن نافع حدثنا سلمه حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن طاووس عن أبيه قال: كان ابن عباس يقرأ وما يعلم تأويله إلا الله ويقول والراسخون في العلم يقولون آمنا به قال أبو جعفر: وكذا في قراءة ابن مسعود وهي قراءة على التفسير. وممن قال بها من التابعين ثلاثة: الحسن وابن نهيك والضحاك وقال به من الفقهاء: مالك بن أنس حكى عنه أشهب أنه قال وما يعلم تأويله إلا الله ثم ابتدأ والراسخون في العلم يقولون آمنا به ولا يعلمون تأويله. وقال بهذا ثلاثة من القراء: نافع ويعقوب والكسائي، وقال به من النحويين: الأخفش سعيد والفراء وسهل بن محمد وهو يروى عن عمر بن عبد العزيز وعروه بن الزبير قال أبو عبيد: وكان محمد بن جرير يذهب إليه وممن قال به أبو إسحاق وأبو الحسن بن كيسان وأحمد بن جعفر وكذا روى عن السدي ومذاهبهم في هذا متقاربة. فروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس: وما يعلم تأويله إلا الله يوم القيامة، وروى غيره عن ابن عباس قال: تفسير القرآن على أربعة أوجه: تفسير لا يسع أحدًا جهله وتفسير تعرفه العرب بألسنتها وتفسير يعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله جل وعز. وقال السدي وما يعلم تأويله إلا الله قال المنسوخ وقال أبو إسحاق وما يعلم تأويله إلا الله يعني البعث لا يعلمه إلا الله جل وعز، قال أبو جعفر: وإنما يقع الإشكال في هذا أن من الناس من يتوهم أن معنى وما يعلم تأويله إنه القرآن ويجعل التأويل بمعنى التفسير وقد وقع هذا للقتبي ورأيت عليًا بن سليمان أيضًا كذلك وقال في ذلك: قد تكلمت في التفسير الصحابة، قال أبو جعفر: وليس كذا تأول العلماء إنما قولهم على أن المعنى وما يعلم تأويل ما تشابه منه إلا الله فمنهم من جعل تشابه منه المنسوخ ولم يكن أحد يعلم ما ينسخ من القرآن إلا الله عز وجل، وعن نحو قيام الساعة. --القطع والائتناف، ص۱۲۴- ۱۲۶--
تام على قول من زعم أن الراسخين لم يعلموا تأويله، وهو قول أكثر أهل العلم من المفسرين والقراء والنحويين. وفي قراءة عبد الله تصديق لذلك ويقول الراسخون في العلم.
حدثنا سلمة بن سعيد الإمام قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الحميد قال: حدثنا ابن المقرئ قال: حدثنا سفيان عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: ذكر لابن عباس الخوارج وما كان يصيبهم عند قراءة القرآن فقال: يؤمنون بمحكمه ويهلكون عند متشابهه. وقرأ: وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به.
حدثنا خلف بن إبراهيم الخاقاني قال: حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثنا علي بن عبد العزيز وحدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا ابن الأنباري قال: حدثنا أحمد بن سعيد قال: قوله: والراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنا به. --المكتفى في الوقف والابتدا، ص۳۷--
الله- م: فی السنّة والجماعة لأنه لو وصل الفهم أنّ الراسخین یعلمون تأویل المتشابهة کما یعلمه الله، بل المذهب أنّ الشرط الایمان بالقرآن العمل بمحکمه والتسلیم لمتشابهه. --كتاب الوقف و الابتدا، ص۱۵۲--
إِلَّا اللَّهُ وقف السلف وهو أسلم لأنه لا يصرف اللفظ عن ظاهره إلا بدليل منفصل، ووقف الخلف على العلم ومذهبهم أعلم: أي أحوج إلى مزيد علم لأنهم أيدوا بنور من الله تعالى لتأويل المتشابه بما يليق بجلاله والتأويل المعين لا يتعين لأن من المتشابه ما يمكن الوقوف عليه، ومنه ما لا يمكن، وبين الوقف ين تضادّ ومراقبة. فإن وقف على أحدهما امتنع الوقف على الآخر، وقد قال بكل منهما طائفة من المفسرين، واختاره العز بن عبد السلام، وقد روى ابن عباس أن النبي صلّى الله عليه وسلّم وقف على إلا الله، وعليه جمع من السادة النجباء كابن مسعود وغيره: أي إن الله استأثر بعلم المتشابه كنزول عيسى ابن مريم وقيام الساعة، والمدة التي بيننا وبين قيامها، وليس بوقف لمن عطف الراسخون على لفظ الجلالة: أي ويعلم الراسخون تأويل المتشابه أيضا، ويكون قوله يقولون جملة في موضع الحال من الراسخون: أي قائلين آمنا به. وقيل لا يعلم جميع المتشابه إلا الله تعالى وإن كان الله قد أطلع نبيه صلّى الله عليه وسلّم على بعضه، وأهل قوما من أمته لتأويل بعضه، وفي المتشابه ما يزيد على ثلاثين قولا. --منار الهدی، ج۱، ص۱۵۴--