کلمه: تَحسَبَنَّهُم سوره: آل عمران آیه: 188
تَحسَبَنَّهُم مقایسه
كتاب مجمع البيان لعلوم القرآن

قرأ ابن كثير وأبو عمرو وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ووَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وولا يحسبن الذين يفرحون كلهن بالياء وكسر السين وكذلك فلا يحسبنهم بضم الباء وبالياء وكسر السين وقرأ حمزة كلها بالتاء وفتح السين وفتح الباء من يحسبنهم وقرأ أهل المدينة والشام ويعقوب كلها بالياء إلا قوله فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بالتاء وفتح الباء إلا إن أهل المدينة ويعقوب كسروا السين وفتحها الشامي وقرأ عاصم والكسائي وخلف كل ما في هذه السورة بالتاء إلا حرفين وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ فإنهما بالياء غير أن عاصما فتح السين وكسرها الكسائي. (انظر: آل عمران، ۱۷۸)
قرأ حمزة وعاصم وأبو جعفر وابن عامر يحسبهم بفتح السين كل القرآن والباقون بكسرها. (انظر: البقره، ۲۷۳)

حجّت
من قرأ بالياء فالذين في هذه الآي في موضع الرفع بأنه فاعل وإذا كان الذين فاعلا ويقتضي حسب مفعولين أو ما يسد مسد المفعولين نحو حسبت أن زيدا منطلق وحسبت أن يقوم عمرو فقوله تعالى أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ قد سد مسد مفعولين الذين يقتضيهما يحسبن وما يحتمل أمرين (أحدهما) أن يكون بمعنى الذي فيكون تقديره لا يحسبن الذين كفروا أن الذي نمليه لهم خير لأنفسهم (و الآخر) أن يكون ما نملي بمنزلة الإملاء فيكون مصدرا وإذا كان مصدرا لم يقتض راجعا إليه وقال المبرد من قرأ يَحْسَبَنَّ بالياء فتح إن ويقبح الكسر مع الياء وهو جائز على قبحه لأن الحسبان ليس بفعل حقيقي فهو يبطل عمله مع إن المكسورة كما يبطل مع اللام كما يجوز حسبت لعبد الله منطلق يجوز على بعد حسبت أن عبد الله منطلق وقال أبو علي الوجه فيه أن يتلقى بها القسم كما يتلقى بلام الابتداء وتدخل كل واحد منهما على الابتداء والخبر فكأنه قال لا يحسبن الذين كفروا للآخرة خيرا لهم وأما قراءة حمزة بالتاء من تحسبن وبفتح إن فقد خطأه البصريون في ذلك لأنه يصير المعنى ولا تحسبن الذين كفروا إملاءنا وذلك لا يصح غير أن الزجاج قال يجوز على البدل من الذين والمعنى ولا تحسبن إملاء للذين كفروا خيرا لهم ومثله في الشعر:
وما كان قيس هلكه هلك واحد/ ولكنه بنيان قوم تهدما
قال أبو علي لا يجوز ذلك لأنك إذا أبدلت إن من الذين كفروا لزمك أن تنصب خيرا من حيث كان المفعول الثاني ولم ينصبه أحد من القراء وإذا لم يصح البدل لم يجز فيه إلا كسر أن على أن يكون إن وخبرها في موضع المفعول الثاني من تحسبن. (انظر: آل عمران، ۱۷۸)

الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل

وقرئ: لا تحسبن. فلا تحسبنهم، بضم الباء على خطاب المؤمنين. ولا يحسبن. فلا يحسبنهم، بالياء وفتح الباء فيهما، على أنّ الفعل للرسول. وقرأ أبو عمرو بالياء وفتح الباء في الأوّل وضمها في الثاني. --الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، ج‏۱، ص۴۵۱--

حجّت
على أن الفعل للذين يفرحون، والمفعول الأوّل محذوف على: لا يحسبنهم الذين يفرحون بمفازة، بمعنى: لا يحسبن أنفسهم الذين يفرحون فائزين، وفلا يحسبنهم، تأكيد. --الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، ج‏۱، ص۴۵۱--

البحر المحيط في التفسير

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: لا يحسبن ولا يحسبنهم بالياء فيهما، ورفع باء يحسبنهم على إسناد يحسبن للذين. --البحر المحيط فى التفسير، ج‏۳، ص۴۶۶--
وقرأ حمزة، والكسائي، وعاصم: لا تحسبن، وفلا تحسبنهم بتاء الخطاب، وفتح الباء فيهما خطابا للرسول. --البحر المحيط فى التفسير، ج‏۳، ص۴۶۷--
قرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة، بفتح السين حيث وقع.
وقرأ باقي السبعة بكسرها. (انظر: البقره، ۲۷۳)

حجّت
وخرجت هذه القراءة على وجهين: أحدهما ما قاله أبو عليّ: وهو أن لا يحسبن لم يقع على شي‏ء، والذين رفع به. وقد تجي‏ء هذه الأفعال لغوا لا في حكم الجمل المفيدة نحو قوله:
وما خلت أبقي بيننا من مودّة/ عراض المذاكي المشنقات القلائصا
و قال الخليل: العرب تقول: ما رأيته يقول ذلك إلا زيد، وما ظننته يقول ذلك إلا زيد. قال ابن عطية: فتتجه القراءة بكون فلا يحسبنهم بدلا من الأول، وقد تعدّى إلى المفعولين وهما: الضمير وبمفازة، واستغنى بذلك عن المفعولين، كما استغنى في قوله:
بأي كتاب أم بأية سنة/ ترى حبهم عارا عليّ وتحسب‏
أي: وتحسب حبهم عارا عليّ. والوجه الثاني ما قاله الزمخشري: وهو أن يكون المفعول الأول محذوفا على لا يحسبنهم الذين يفرحون بمفازة، بمعنى: لا يحسبن أنفسهم الذين يفرحون فائزين. وفلا يحسبنهم تأكيد، وتقدّم لنا الرد على الزمخشري في تقديره لا يحسبنهم الذين في قوله: ولا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما وإن هذا التقدير لا يصح فيطلع هناك. وتعدى في هذه القراءة فعل الحسبان إلى ضميريه المتصلين: المرفوع والمنصوب، وهو مما يختص به ظننت وأخواتها، ومن غيرها: وجدت، وفقدت، وعدمت، وذلك مقرّر في علم النحو. --البحر المحيط فى التفسير، ج‏۳، ص۴۶۶--
وخرجت هذه القراءة على وجهين: أحدهما ذكره ابن عطية، وهو أن المفعول الأول هو: الذين يفرحون. والثاني محذوف لدلالة ما بعده عليه كما قيل آنفا في المفعولين. وحسن تكرار الفعل فلا يحسبنهم لطول الكلام، وهي عادة العرب، وذلك تقريب لذهن المخاطب. والوجه الثاني ذكره الزمخشري، قال: وأحد المفعولين الذين يفرحون، والثاني بمفازة. وقوله: فلا يحسبنهم توكيد تقديره لا يحسبنهم، فلا يحسبنهم فائزين. وقرئ لا تحسبن فلا تحسبنهم بتاء الخطاب وضم الباء فيهما خطابا للمؤمنين. ويجي‏ء الخلاف في المفعول الثاني كالخلاف فيه في قراءة الكوفيين. وقرأ نافع وابن عامر: لا يحسبن بياء الغيبة، وفلا تحسبنهم بتاء الخطاب، وفتح الباء فيهما، وخرجت هذه القراءة على حذف مفعولي يحسبن لدلالة ما بعدهما عليهما. ولا يجوز في هذه القراءة البدل الذي جوّز في قراءة ابن كثير وأبي عمرو لاختلاف الفعلين لاختلاف الفاعل. وإذا كان فلا يحسبنهم توكيدا أو بدلا، فدخول الفاء إنما يتوجه على أن تكون زائدة، إذ لا يصح أن تكون للعطف، ولا أن تكون فاء جواب الجزاء. وأنشدوا على زيادة الفاء قول الشاعر:
حتى تركت العائدات يعدنه‏/ يقلن فلا تبعد وقلت له: ابعد
وقال آخر:
لما اتقى بيد عظيم جرمها/ فتركت ضاحي: كفه يتذبذب‏. --البحر المحيط فى التفسير، ج‏۳، ص۴۶۷--
قرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة، بفتح السين حيث وقع، وهو القياس، لأن ماضيه على فعل بكسر العين. وقرأ باقي السبعة بكسرها، وهو مسموع في ألفاظ، منها: عمد يعمد ويعمد وقد ذكرها النحويون، والفتح في السين لغة تميم، والكسر لغة الحجاز. (انظر: البقره، ۲۷۳)