وقرأ عاصم غير الأعشى والبرجمي وحمزة وابن عامر ويعقوب وَلا يَأْمُرَكُمْ بنصب الراء والباقون بالرفع. --مجمع البيان في تفسير القرآن، ج۲، ص۷۸۱--
قرأ أبو عمرو بارئكم ويأمركم وينصركم باختلاس الحركة وروي عنه السكون أيضا والباقون بغير اختلاف ولا تخفيف. (انظر: البقره، ۵۴)
حجّت
ومن قرأ يأمركم فعلى القطع من الأول أراد ولا يأمركم الله ومن نصبه فعلى قوله «ما كانَ لِبَشَرٍ» أن يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا ومما يقوي الرفع ما روي في حرف ابن مسعود يأمركم فهذا يدل على الانقطاع من الأول ومما يقوي النصب ما جاء في السير أن اليهود قالوا للنبي ص يا محمد أ تريد أن نتخذك ربا فقال الله عز وجل ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ ولا أن يأمركم. --مجمع البيان في تفسير القرآن، ج۲، ص۷۸۱--
قال أبو علي حروف المعجم على ضربين ساكن ومتحرك والساكن على ضربين (أحدهما) ما أصله السكون في الاستعمال والآخر ما أصله الحركة فما أصله الحركة يسكن على ضربين (أحدهما) أن تكون حركة بناء والآخر أن تكون حركة إعراب وحركة البناء تسكن على ضربين (أحدهما) أن يكون الحرف المسكن من كلمة مفردة نحو فخذ وسبع وإبل وضرب وعلم فمن خفف قال فخذ وسبع وإبل وضرب وعلم والآخر أن يكون من كلمتين فيسكن على تشبيه المنفصل بالمتصل نحو قراءة من قرأ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فمن ثم أدغم نحو رد وفر وعض كما أدغموا نحو يرد ويفر ويعض واعلم أن الحركات التي تكون للبناء والإعراب قد يستعملون في الضمة والكسرة منها الاختلاس والتخفيف كما يستعملون الإشباع والتمطيط فأما الفتحة فليس فيها الإشباع فقط ولم يخفف نحو جبل كما خفف مثل سبع وكتف وعلى هذا المذهب حمل سيبويه قول أبي عمرو إلى بارئكم فذهب إلى أنه اختلس الحركة ولم يشبعها فهو بزنة حرف متحرك فمن روي عن أبي عمرو الإسكان في هذا النحو فلعله سمعه يختلس فحسبها إسكانا لضعف الصوت به والخفاء وعلى هذا قوله ولا يأمركم وغيره. (انظر: البقره، ۵۴)
وقرئ وَلا يَأْمُرَكُمْ بالنصب عطفا على: ثُمَّ يَقُولَ.
والقراءة بالرفع على ابتداء الكلام أظهر، وتنصرها قراءة عبد اللَّه ولن يأمركم. --الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، ج۱، ص۳۷۸--
حجّت
وقرئ وَلا يَأْمُرَكُمْ بالنصب عطفا على: ثُمَّ يَقُولَ وفيه وجهان أحدهما أن تجعل «لا» مزيدة لتأكيد معنى النفي في قوله: ما كانَ لِبَشَرٍ والمعنى: ما كان لبشر أن يستنبئه اللَّه وينصبه للدعاء إلى اختصاص اللَّه بالعبادة وترك الأنداد، ثم يأمر الناس بأن يكونوا عباداً له ويأمركم أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَ النَّبِيِّينَ أَرْباباً كما تقول: ما كان لزيد أن أكرمه ثم يهينني ولا يستخف بى. والثاني أن تجعل «لا» غير مزيدة. والمعنى: أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان ينهى قريشا عن عبادة الملائكة، واليهود والنصارى عن عبادة عزير والمسيح. فلما قالوا له: أ نتخذك ربا؟ قيل لهم: ما كان لبشر أن يستنبئه اللَّه، ثم يأمر الناس بعبادته وينهاكم عن عبادة الملائكة والأنبياء. --الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، ج۱، ص۳۷۸--
قرأ الحرميان، والنحويان، والأعشى والبرجمي: برفع الراء على القطع، ويختلس أبو عمرو الحركة على أصله.
وقرأ عاصم وابن عامر، وحمزة ولا يأمركم، بنصب الراء، وخرجه أبو علي وغيره على أن يكون المعنى: ولا له أن يأمركم، فقدروا: أن، مضمرة بعد: لا. --البحر المحيط فى التفسير، ج۳، ص۲۳۳--
حجّت
قال: والقراءة بالرفع على ابتداء الكلام أظهر، وينصرها قراءة عبد اللّه: ولن يأمركم، انتهى كلام الزمخشري. --البحر المحيط فى التفسير، ج۳، ص۲۳۴--
كَانَ نَافِع وَابْن كثير وَعَاصِم وَابْن عَامر وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ يهمزون يُؤمنُونَ وَمَا أشبه ذَلِك مثل يَأْكُلُون الْبَقَرَة ١٧٤ ويأمرون آل عمرَان ٢١ ويُؤْتونَ الْمَائِدَة ٥٥ سَاكِنة كَانَت الْهمزَة أَو متحركة مثل ويؤخركم إِبْرَاهِيم ١٠ ويؤده آل عمرَان ٧٥ إِلَّا أَن حَمْزَة كَانَ يسْتَحبّ ترك الْهَمْز فِي الْقُرْآن كُله إِذا أَرَادَ أَن يقف وَالْبَاقُونَ يقفون بِالْهَمْز كَمَا يصلونَ.
وروى ورش عَن نَافِع ترك الْهَمْز السَّاكِن فِي مثل يُؤمنُونَ وَمَا أشبه ذَلِك وَكَذَلِكَ المتحرك مثل ويؤخركم ولَا يُؤَاخِذكُم الْبَقَرَة ٢٢٥ ويؤده وَمَا كَانَ مثله.
وَأما أَبُو عَمْرو فَكَانَ إِذا أدرج الْقِرَاءَة أَو قَرَأَ فِي الصَّلَاة لم يهمز كل همزَة سَاكِنة مثل يومنون ويومن الْبَقَرَة ٢٣٢ وياخذون الْأَعْرَاف ١٦٩ وَمَا أشبه ذَلِك وَقَالَ أَبُو شُعَيْب السُّوسِي عَن اليزيدي عَن أبي عَمْرو إِنَّه كَانَ إِذا قَرَأَ فِي الصَّلَاة لم يهمز كل همزَة سَاكِنة إِلَّا أَنه كَانَ يهمز حروفا من السواكن بِأَعْيَانِهَا أذكرها فِي موَاضعهَا إِذا مَرَرْت بهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَإِذا كَانَ سُكُون الْهمزَة عَلامَة للجزم لم يتْرك همزها مثل أَو ننسأها الْبَقَرَة ١٠٦ وتَسُؤْكُمْ الْمَائِدَة ١٠١ وهيئ لنا الْكَهْف ١٠ واقْرَأ كتابك الْإِسْرَاء ١٤ ويهيئ لكم الْكَهْف ١٦ وَمن يَشَأْ يَجعله الْأَنْعَام ٣٩ ونبئهم الْحجر ٥١ وَمَا أشبه ذَلِك. --السبعة فی القرائات، صص۱۳۲- ۱۳۳--
وروى الشموني مُحَمَّد بن حبيب عَن الْأَعْشَى عَن أبي بكر عَن عَاصِم أَنه لم يكن يهمز الْهمزَة الساكنة مثل يومنون وَمَا أشبههَا من السواكن. قَالَ أَبُو بكر حَدثنِي مُحَمَّد بن عِيسَى بن حَيَّان قَالَ حَدثنَا أَبُو هِشَام قَالَ سَمِعت أَبَا يُوسُف الْأَعْشَى يقْرَأ على أبي بكر فهمز يُؤمنُونَ وَحدثنَا ابْن حَيَّان قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن يزِيد أَبُو هِشَام عَن سليم عَن حَمْزَة أَنه كَانَ إِذا قَرَأَ فِي الصَّلَاة لم يكن يهمز. --السبعة فی القرائات، ص۱۳۳--
وَاخْتلفُوا فِي كسر الْهمزَة واختلاس حركتها وإشباعها فِي قَوْله إِلَى بارئكم
فَكَانَ ابْن كثير وَنَافِع وَعَاصِم وَابْن عَامر وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ يكسرون الْهمزَة من غير اختلاس وَلَا تَخْفيف. وَاخْتلف عَن أبي عَمْرو فَقَالَ عَبَّاس بن الْفضل: سَأَلت أَبَا عَمْرو [كَيفَ] تقْرَأ: إِلَى بارئكم مَهْمُوزَة مثقلة أَو إِلَى بارئكم مُخَفّفَة؟ فَقَالَ قراءتي بارئكم مَهْمُوزَة غير مثقلة وروى اليزيدي وَعبد الْوَارِث عَنهُ بارئكم فَلَا يجْزم الْهمزَة وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: كَانَ أَبُو عَمْرو يختلس الْحَرَكَة من بارئكم ويَأْمُركُمْ (الْبَقَرَة ٦٧) وَمَا أشبه ذَلِك مِمَّا تتوالى فِيهِ الحركات. فَيرى من سَمعه أَنه قد أسكن وَلم يكن يسكن وَهَذَا مثل رِوَايَة عَبَّاس بن الْفضل عَنهُ الَّتِي ذكرتها أَنه كَانَ لَا يثقلها.
وَهَذَا القَوْل أشبه بِمذهب أبي عَمْرو لِأَنَّهُ كَانَ يسْتَعْمل فِي قِرَاءَته التَّخْفِيف كثيرا. من ذَلِك مَا حَدثنِي بِهِ عبيد الله بن عَليّ الْهَاشِمِي عَن نصر بن عَليّ عَن أَبِيه عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ وَيُعلمهُم الْكتاب (الْبَقَرَة ١٢٩) وويلعنهم اللاعنون (الْبَقَرَة ١٥٩) يشم الْمِيم من يعلمهُمْ وَالنُّون من يلعنهم اللَّتَيْنِ قبل الْهَاء الضَّم من غير إشباع وَكَذَلِكَ: عَن أسلحتكم وأمتعتكم ( النِّسَاء ١٠٢) يشم التَّاء فيهمَا شَيْئا من الْجَرّ. أَخْبرنِي بذلك أَيْضا أَبُو طَالب عبد الله بن أَحْمد بن سوَادَة قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الزهْرَانِي قَالَ: حَدثنَا عبيد بن عقيل عَن أبي عَمْرو بذلك قَالَ: وَكَذَلِكَ ويزكيكم ويعلمكم( الْبَقَرَة ١٥١) يشمها شَيْئا من الرّفْع قَالَ: وَكَذَلِكَ يَوْم يجمعكم (التغابن ٩) يشم الْعين شَيْئا من الضَّم وَكَذَلِكَ قَوْله: وأرنا مناسكنا ( الْبَقَرَة ١٢٨) لَا يسكن الرَّاء وَلَا يكسرها روى ذَلِك عَنهُ عَليّ بن نصر وَعبد الْوَارِث واليزيدي وعباس بن الْفضل وَغَيرهم وَكَذَلِكَ قِرَاءَته فِي تَأْمُرهُمْ (الطّور ٣٢) يَأْمُرهُم (الْأَعْرَاف ١٥٧) وينصركم (آل عمرَان ١٦٠) وَمَا أشبه ذَلِك من الحركات المتواليات وروى عبد الْوَهَّاب بن عَطاء وهرون الْأَعْوَر عَن أبي عَمْرو: (وأرنا) سَاكِنة الرَّاء وَقَالَ اليزيدي فِي ذَلِك كُله إِنَّه كَانَ يسكن اللَّام من الْفِعْل فِي جَمِيعه وَالْقَوْل مَا أَخْبَرتك بِهِ من إِنَّه كَانَ يُؤثر التَّخْفِيف فِي قِرَاءَته كلهَا. وَالدَّلِيل على إيثاره التَّخْفِيف أَنه كَانَ يدغم من الْحُرُوف مَا لَا يكَاد يدغمه غَيره ويلين السَّاكِن من الْهَمْز وَلَا يهمز همزتين وَغير ذَلِك وَقَالَ عَليّ بن نصر عَن أبي عَمْرو وَلَا يَأْمُركُمْ بِرَفْع الرَّاء مشبعة. --السبعة فی القرائات، صص ۱۵۵-۱۵۷--
واختلفوا في الميم فكان ابن كثير يصل الميم بواو انضمت الهاء قبلها أو انكسرت فيقول عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلين (فاتحة الكتاب ۷) وعلى قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشوة (البقرة ۷). -- السبعة فی القرائات، ص۱۰۸--