قرأ أهل المدينة وأهل البصرة هؤلاء بمدة واحدة لا يمدونها إلا على قدر خروج الألف ويمدون أولاء كأنهم يجعلونه كلمتين والباقون يمدون مدتين في كل القرآن فأما الهمزتان من كلمتين نحو هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ونحوها فأبو جعفر ونافع برواية ورش وابن كثير برواية القواس ويعقوب يهمزون الأولى ويخففون الثانية ويشيرون بالكسرة إليها وكذلك يفعلون في كل همزتين متفقتين تلتقيان من كلمتين مكسورتين كانتا أو مضمومتين أو مفتوحتين فالمكسورتان على البغاء إن أردن والمضمومتان أولياء أولئك ليس في القرآن غيره والمفتوحتان جاء أحدكم وشاء أنشره وأبو عمرو والبزي بهمزة واحدة فيتركان إحداهما أصلا إذا كانتا متفقتين ونافع برواية إسماعيل وابن كثير برواية ابن فليح بتليين الأولى وتحقيق الثانية وإذا اختلفتا فاتفقوا على همز الأولى وتليين الثانية نحو السُّفَهاءُ أَلا والْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ فأما ابن عامر وعاصم والكسائي فإنهم يهمزون همزتين في جميع ذلك متفقتين كانتا أو مختلفتين أما الحذف والتليين فللتخفيف وأما الهمز فللحمل على الأصل. (انظر: البقره، ۳۱)
واخْتلفُوا فِي الْمَدّ للهمز. فَقَالَ أَحْمد بن يزِيد عَن قالون عَن نَافِع إِنَّه كَانَ لَا يمد حرفا لحرف وَكَانَ يُمكن الْيَاء الساكنة الَّتِي بعْدهَا همزَة وَقبلهَا كسرة مثل وَفِي أَنفسكُم الذاريات ٢١َ وَالْألف الَّتِي بعْدهَا همزَة مثل بِمَا أنزل إِلَيْك وَمَا أنزل من قبلك الْبَقَرَة ٤ وَالْوَاو الساكنة الَّتِي بعْدهَا همزَة وَقبلهَا ضمة مثل قَالُوا آمنا الْبَقَرَة ١٤ وَلَا تَعْتَدوا إِن الله الْبَقَرَة ١٩٠ حَتَّى يتم الْيَاء وَالْوَاو وَالْألف من غير مد. فَإِذا كَانَت الْهمزَة من الْكَلِمَة مثل من السَّمَاء مَاء الْبَقَرَة ٢٢ وجفَاء الرَّعْد ١٧ وغثاء الْمُؤْمِنُونَ ٤١ وسيئت الْملك ٢٢ وَجِيء بالنبيين الزمر ٦٩ ولتنوء بالعصبة الْقَصَص ٧٦ وتبوء بإثمي الْمَائِدَة ٢٩ السوأى أَن الرّوم ١٠ وأَضَاء لَهُم الْبَقَرَة ٢٠ وَمَا أشبه ذَلِك مد الْحُرُوف مدا وسطا بَين الْمَدّ وَالْقصر. وَلَا يهمز همزا شَدِيدا وَلَا يسكت على الْيَاء وَالْألف وَالْوَاو الَّتِي قبل الْهمزَة وَإِذا مدهن يصل الْمَدّ بِالْهَمْز ويمد ويحقق الْقِرَاءَة وَلَا يشدد وَيقرب بَين الْمَمْدُود وَغير الْمَمْدُود وَكَذَلِكَ كَانَ مَذْهَب ابْن كثير وَأبي عَمْرو.
وَأما عَاصِم فَلم يرو لنا أَن أحدا قَرَأَ على أبي بكر وَأخذ النَّاس الْقِرَاءَة عَنهُ بعد أبي بكر غير أبي يُوسُف الْأَعْشَى فَذكر أَنه كَانَ يمد مدا وَاحِدًا فِي كل الْحُرُوف لَا يفضل حرفا على حرف فِي مد وَكَانَ مده مشبعا ويسكت بعد الْمَدّ سكتة ثمَّ يهمز. -السبعة فی القرائات، ص۱۳۴--
وَكَانَ حَمْزَة يُمَيّز فِي الْمَدّ بَين الهمزتين المتفقتين المرفوعتين والمفتوحتين والمخفوضتين وَقَالَ خلف عَن سليم أطول الْمَدّ عِنْد حَمْزَة مَا كَانَ مثل تِلْقَاء أَصْحَاب الْأَعْرَاف ٤٧ وجَاءَ أحدهم الْمُؤْمِنُونَ ٩٩ وَكَذَلِكَ مَا أَتَى من الْهَمْز مَفْتُوحًا وَإِن كَانَ همزَة وَاحِدَة مثل يَا أَيهَا الْبَقَرَة ٢١ قَالَ وَالْمدّ الَّذِي دون ذَلِك خَائِفين الْبَقَرَة ١١٤ وَالْمَلَائِكَة الْبَقَرَة ٣١ ويَا بني إِسْرَائِيل الْبَقَرَة ٤٠ وأقصر الْمَدّ أُولَئِكَ الْبَقَرَة ٥.
ذكر لي ذَلِك الْحسن بن الْعَبَّاس بن أبي مهْرَان الرَّازِيّ قَالَ قَرَأت على أبي مُحَمَّد الْقَاسِم بن أَحْمد الْخياط الْكُوفِي قَالَ وَقَالَ لي قَرَأت على مُحَمَّد بن حبيب الشموني وَقَالَ الشموني قَرَأت على أبي يُوسُف الْأَعْشَى وَقَرَأَ أَبُو يُوسُف على أبي بكر وَأَخْبرنِي الْقَاسِم بن أَحْمد الْخياط فِي كِتَابه إِلَى أَنه قَرَأَ على مُحَمَّد بن حبيب الشموني الْقُرْآن كُله ثمَّ ذكر نَحوا مِمَّا ذكر الْحسن بن الْعَبَّاس عَنهُ. وَقَالَ عبد الله بن صَالح الْعجلِيّ عَن أبي بكر عَن عَاصِم أَنه كَانَ يمد حرفا بِحرف. حَدثنِي أَبُو جَعْفَر بن مُحَمَّد الْفرْيَابِيّ قَالَ حَدثنَا منْجَاب بن الْحَارِث قَالَ حَدثنَا شريك قَالَ كَانَ عَاصِم صَاحب همز وَمد وَقِرَاءَة شَدِيدَة وَحدثنَا الْجمال قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن يزِيد عَن عبد الله بن صَالح بذلك.وَأما الْكسَائي فَإِن مده كُله كَانَ وسطا بَين ذَلِك وَلَا يسكت على الْمَدّ قبل الْهمزَة وَمذهب ابْن عَامر كمذهب الْكسَائي فِي ذَلِك كُله وَقَالَ سليم قَالَ حَمْزَة إِذا مددت الْحَرْف ثمَّ همزت فالمد يجزىء عَن السكت قبل الْهمزَة وَقَالَ خَلاد عَن سليم عَن حَمْزَة الْمَدّ كُله وَاحِد. --السبعة فی القرائات، صص۱۳۵-۱۳۶--